ما حكم صلاة الجمعة
إذا جاء العيد يوم الجمعة؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ورد في كتاب فقه السنة لفضيلة الشيخ سيد سابق ـ رحمه الله ـ
ما يلي :ـ
إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد؛ فعن زيد
بن أرقم قال: صلى النبي صلاة العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي
فليصل" رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة والحاكم. وعن أبي هريرة أنه صلى الله
عليه وسلم قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان؛ فمن شاء أجزأه من الجمعة
وإنا مُجَمّعُون" رواه أبو داود.
ويستحب للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد
لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإنا مجمعون". وتجب صلاة الظهر على من تخلف عن
الجمعة لحضوره العيد عند الحنابلة والظاهر عدم الوجوب. لما رواه أبو داود
عن ابن الزبير أنه قال: عيدان اجتمعا في يوم واحد؛ فجمعهما فصلاهما ركعتين
بكرة، ولم يزد عليهما حتى صلى العصر.
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:
روى أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي أن زيد بن أرقم شهد مع الرسول ـ صلى
الله عليه وسلم ـ عيدين اجتمعا، فصلى العيد أول النهار ثم رخص في الجمعة
وقال: " من شاء أن يجمع فليجمع" في إسناده مجهول فهو حديث ضعيف.
وفي رواية لأبي داود وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا
مجمعون" في إسناده كلام، وصحح أحمد بن حنبل أنه مرسل، أي سقط منه الصحابي.
وروى النسائي وأبو داود أنه اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير، فأخر الخروج
حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يوم الجمعة، أي
لم يصل العيد، ولما ذكر لابن عباس قال: أصاب السنة. يلاحظ أنه صلى الجمعة
بدليل تقديم الخطبة على الصلاة.
وجاء في رواية لأبي داود أنه في عهد ابن الزبير اجتمع يوم الجمعة ويوم
الفطر، فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلاة العصر،
رجالهما رجال الصحيح.
إزاء هذه النصوص الخاصة باجتماع يوم الجمعة والعيد، قال الأحناف والمالكية:
لا تجزئ منهما عن صلاة الأخرى، فكل منهما مطلوب، ولا تجزئ صلاة عن صلاة بل
لا يجوز الجمع بينهما، فالجمع رخصة خاصة بالظهر مع العصر، وبالمغرب مع
العشاء.
والحنابلة يقولون: من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، إلا الإمام فلا تسقط عنه
إذا وجد العدد الكافي لانعقاد الجمعة، أما إذا لم يوجد فلا تجب صلاة
الجمعة، وفي رواية عن أحمد أن الجمعة لو صليت أول النهار قبل الزوال أغنت
عن العيد، بناء على أن وقتها يدخل بدخول وقت صلاة العيد.
والشافعية قالوا: إن صلاة العيد تغني عن صلاة الجمعة لأهل القرى التي لا
يوجد فيها عدد تنعقد بهم الجمعة ويسمعون الأذان من البلد الذي تقام فيه
الجمعة، فيذهبون لصلاتها، ودليلهم قول عثمان في خطبته: أيها الناس إنه قد
اجتمع عيدان في يومكم، فمن أراد من أهل العالية ـ قال النووي: وهي قريبة من
المدينة من جهة الشرق ـ أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف
فليفعل.
وجاء في فتاوى ابن تيمية أن أقوال الفقهاء في اجتماع يوم الجمعة ويوم العيد
ثلاثة:
أحدها: أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصله، كقول مالك وغيره.
الثاني: أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر، كما يروى عن عثمان بن
عفان واتبع ذلك الشافعي.
الثالث: أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكن ينبغي للإمام أن يقيم الجمعة
ليشهدها من أحب، كما في السنن عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليه
أحمد.
ثم قال: وهذا المنقول هو الثابت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه
وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره، والذين خالفوه لم يبلغهم
ما في ذلك من السنن والآثار.
فالموضوع خلافي، لكن القول بالاكتفاء بصلاة العيد عن صلاة الجمعة أقوى
ويستوي في ذلك أهل القرى والأمصار، والإمام وغير الإمام، فالمقصود من
الصلاتين قد حصل، وهو صلاة ركعتين مع الخطبة، اجتمع الناس لأداء صلاة
الجماعة وسماع الموعظة، فبأي من الصلاتين حصل