تنظر محكمة النقض أعلى سلطة قضائية في مصر - اليوم الطعن المقدم من البرلماني ورجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى،
وضابط الشرطة السابق محسن السكري، على الحكم الصادر ضدهما من محكمة جنايات القاهرة في يونيو الماضي بالإعدام شنقا لإدانتهما بقتل المطربة المغدورة اللبنانية سوزان تميم في تموز/ يوليو 2008 عمدا مع سبق الإصرار والترصد بداخل مسكنها ببرج الرمال بدبي.
مصادر قضائية قالت "ينتظر أن تصدر المحكمة حكمها في النقض أو تحديد جلسة أخرى، على أقصى تقدير، للنطق بالحكم"، مضيفة "المحكمة ستستمع إلى ملخص للطعن من العضو المقرر بمحكمة النقض، ثم يقدم عضو نيابة النقض المصرية رأي النيابة، الذي يعد استشاريا وغير ملزم، ثم تستمع المحكمة إلى الدفاع عن المتهمين لدقائق عدة، استنادا إلى أن الأصل في مهام الدفاع أمام محكمة النقض هو عدم التركيز على المرافعة الشفوية بقدر الاهتمام بأسباب نقض الحكم الواردة في مذكرات الدفاع ونيابة النقض المقدمة للمحكمة في الموعد القانوني، إلى جانب أنه لا يجوز للدفاع أو النيابة إبداء دفوع جديدة يوم الجلسة، فيما يقتصر دور كل منهما على الإيجاز الشديد في عرض أسبابه لإبراز العيوب القانونية في الحكم الصادر من جانب كل منهما بغية نقضه".
وسيكون أمام محكمة النقض عند نطقها بالحكم في القضية أحد خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تؤيد الحكم بإعدامهما، الذي سيعد في هذه الحالة باتا ونهائيا وينتظر التنفيذ، وإما أن تصدر حكمها بنقض الحكم وإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات القاهرة.
ويملك المتهمان حال إعادة محاكمتهما مرة أخرى وصدور حكم جديد ضدهما أن يطعنا للمرة الأخيرة على الحكم
الجديد امام محكمة النقض
الجديد أمام محكمة النقض، التي يتمثل دورها في هذه الحالة إما بتأييد الحكم الأخير ليصبح باتا ونهائيا، وإما الحكم بنقضه على أن تباشر بنفسها المحاكمة الجنائية للمتهمين ليكون القول الفصل وإسدالا للستار على القضية بصورة نهائية.
من جانبها، انتهت نيابة النقض المصرية في رأيها القانوني في الدعوى إلى طلب نقض الحكم استنادا إلى أنه قد شابه قصور في البيان، مع تفويضها لمحكمة النقض بقبول الطعن أو رفضه وفقا لما تراه، معتبرة في الوقت ذاته أن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم الجنائي برئاسة المستشار محمدي قنصوه، أخطأت في جزء من حكمها عندما قضت بمصادرة مليوني دولار كانت لدى السكري حصل عليها من هشام طلعت مصطفى، نظير مراقبة وقتل سوزان تميم، بينما حقيقة المبلغ الذي كان ينبغي أن يقضي بمصادرته مليون و900 ألف دولار.
أما هيئة الدفاع عن هشام طلعت مصطفى التي تتكون من 8 من كبار المحامين يتقدمهم بهاء الدين أبوشقة، ونجله الدكتور محمد، ووكيل البرلمان المصري الدكتورة امال عثمان، ومحاميه
في المحاكمة الأولى أمام الجنايات فريد الديب وغيرهم، فأكدت في مذكراتها لطلب النقض أن هناك أسبابا كثيرة تبطل حكم الإعدام، في مقدمها القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وخطأ من جانب المحكمة في إسناد التهم للمتهم، من خلال فهمها لأقوال الشهود على نحو مغاير لمقاصده، وعدم استجابتها لبعض مطالب الدفاع.
فيما قال دفاع السكري إن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون بشأنه بعدم تفنيدها للتقارير الفنية المقدمة ضده، معتبرا أن المحكمة أخلت بحق الدفاع في عدم استجابتها لطلبه للانتقال إلى موضع الحادث بدبي لمعاينة مسرح الجريمة.
قضية عادي شانها شان سائر القضايا
واعتبر رئيس محكمة النقض المستشار عادل عبدالحميد الذي يباشر بنفسه رئاسة الدائرة التي ستنظر دعوى النقض أن هذه القضية بالنسبة له وللمحكمة هي قضية عادية شأنها شأن سائر القضايا التي تباشرها المحكمة، لأن المحكمة لا تعنى سوى بالاعتبارات القانونية في الدعوى، وأنها غير مكترثة إذا ما كانت إحدى القضايا أو غيرها محل اهتمام الرأي العام.
وتحظى قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم باهتمام إعلامي غير مسبوق في تاريخ المحاكمات المصرية، حيث شهدت وقائع جلسات المحاكمة فيها أمام الجنايات في الجلسات السابقة على صدور قرار رئيس المحكمة بحظر النشر فيها، ثم جلسة صدور الحكم حضورا صحافيا وإعلاميا لأكثر من 500 من ممثلي الصحف والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء المصرية والعربية والعالمية، فيما أصدرت محكمة النقض 300 تصريح لحضور جلسة اليوم لممثلي وسائل الإعلام، وفسر المراقبون انخفاض عدد الإعلاميين في تلك الجلسة بعدم حضور هشام طلعت والسكري من محبسهما لحضور الجلسة، خصوصا أن القانون لا يلزمهما بالحضور، حيث يكتفى بحضور الدفاع عنهما.
وكانت محاكمة هشام طلعت ومحسن السكري أمام محكمة جنايات القاهرة قد استغرقت 29 جلسة على مدى 8 اشهر تقريبا بداية من شهر أكتوبر 2008، ونفى المتهمان في أول جلسة لمحاكمتهما ما هو منسوب إليهما من اتهامات، فيما طالبت النيابة العامة بعقوبة الإعدام لهما في ضوء قرار الاتهام الصادر ضدهما منها.
وسبق للنيابة العامة المصرية أن أحالت المتهمين للمحاكمة الجنائية عقب انتهاء تحقيقاتها في القضية، ونسبت إلى محسن السكري أنه ارتكب جناية خارج البلاد إذ قتل المجني عليها سوزان عبدالستار تميم عمدا مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها، فراقبها ورصد تحركاتها بالعاصمة البريطانية "لندن" ثم تتبعها إلى إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقرت هناك.
توجه لمسكنها ثم طرق بابها
وأوضحت النيابة أن المتهم أقام بأحد الفنادق بالقرب من مسكن المغدورة، واشترى سلاحا أبيض «سكينا» أعده لهذا الغرض، ثم توجه إلى مسكنها وطرق بابها، زاعما أنه مندوب عن الشركة مالكة العقار الذي تقيم فيه لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة، ففتحت له باب شقتها، وانهال عليها ضربا بالسكين محدثا إصابات شلت مقاومتها وقام بذبحها قاطعا الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمريء ما أودى بحياتها.
وذكرت أن هذا الأمر مبين وموصوف بتقرير الصفة التشريحية والتحقيقات، وكان ذلك بتحريض من المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى مقابل حصول السكري منه على مبلغ نقدي قيمته مليونا دولار، كما حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا "مسدس ماركة سي زد عيار 6.35"، وحاز أيضا ذخائر "29 طلقة عيار 6.35" حال كونه غير مرخص له بحيازته.
ونسبت النيابة العامة المصرية إلى هشام طلعت مصطفى أنه اشترك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع محسن السكري في قتل سوزان تميم انتقاما منها، وساعده بأن أمده بالبيانات الخاصة بها والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها وسهل له تنقلاته بالحصول على تأشيرات دخوله للمملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة.