خريطه الى الكنز الذي بداحلك
الكنز.. كلمة نطلقها على كل ما هو فريد وثمين،
ومقدار هذا التفرد والقيمة تعود بالطبع لنظرة
الإنسان، فمنا من يرى أن الذهب هو الكنز،
وآخرون يرون أنه الرصيد البنكي المرتفع، بينما
يكتفي البعض بتصوير الكنز في شكل شركة
ناجحة أو تفوق دراسي، أو وضع أسري مستقر،
أو نفس مطمئنة… إلى ما لا نهاية له من الكنوز..
لسنا هنا بصدد تقييم هذه الكنوز! إنما نحن
بصدد مناقشة آلية الوصول إليها!
هل سنكتفي بمشاهد الانتصار على العقبات
في سبيل الوصول لكنوزنا في أحلامنا؟ أم
سنجتهد في البحث عن خريطة الوصول إليها؟
حتماً ستكون الخريطة هي خيار الأقوياء
المتفائلين، لذا هيا لننطلق سوياً فنبحث
عن هذه الخريطة، ومن ثم نترجم رموزها،
قبل أن يسبقنا غيرنا!
أين أجد الخريطة؟
أحياناً تكون الخريطة موجودة، وكل ما عليك هو
البحث عنها، لكن في بعض الأحيان يكون عليك
أنت أن ترسمها بعد حصولك على أقوال شهود
العيان الذين يملكون بعض الأخبار عن كنزك
المنشود..
لذا.. متى آمنت بأن كنزك يستحق العناء، فعليك
أن تبدأ رحلة البحث عن الخريطة أو ما يساعد
في رسمها، اسأل من سبقك للوصول إليه، بل
احرص على مجالسته واكتساب خبرته. فإن كان
كنزك هو السعادة، فالزم السعداء وتأمل في عادتهم وتصرفاتهم، فحينها ستتضح لك معالم الوصول
للسعادة.
لتكن لديك مفكرة تدون فيها هذه المعلومات،
فكما يقولون..
العلم صيد والكتابة قيده… قيد صيودك بالحبال
الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة… وتتركها بين
الخلائق طالقة!
والآن، بعد أن جمعت المعلومات اللازمة،
ماذا تنتظر؟ هيا انطلق فقد بدأت المغامرة!
مهلاً.. هل ترجمت رموز الخريطة جيداً؟
قبل أن تبدأ رحلتك، من المهم جداً أن تكون
الرؤية واضحة لديك عما ستمر به، فأنت لن
تمر فقط بحدائق غنّاء وشواطئ ذات رمال
ذهبية!
والله وحده يعلم ماذا ينتظرك من عوائق!
لذا كن مستعداً، لئلا يكون أي عائق بسيط
سبباً في تخليك عن كنزك!
تعالوا نتعاون سوياً في فك رموز الخريطة..
البوصلة : ومن يمكنه أن يسافر بدونها! فبدون
وسيلة فعالة ترشدك للاتجاه الصحيح تصبح
معرضاً لتيه وضياع قد تكون العودة منه غير
مضمونة.
لتكن بوصلتك هي تقوى الله، فأقدم متى
علمت أن هدفك فيه رضى الله تعالى، وأحجم
متى تبين لك غير ذلك، وتذكر
{ من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه }..
ستكون رحلة طويلة، ولن تتمكن من الصمود
مالم يكن الله معك، يمدك بعونه وتوفيقه
وتأييده، لذا كن مع الله في الرخاء، وتأكد
أنه سيكون معك في الشدة!
السفينة: وهي وسيلتك للوصول إلى الجزيرة
التي يتوارى كنزك فيها، لذا احرص أن تكون
سفينتك قوية لتصمد في وجه الأعاصير
والأمواج الهائجة، نعم، تأكد أن عزيمتك
وإصرارك لا ينثنيان، استخدم مهاراتك في
تنظيم الوقت، والحفاظ على الثقة بالنفس،
ولا تنسى أن تحمل معك مخزوناً كافياً من
التفاؤل، فهو الوقود الذي لا تستغني
سفينتك عنه!
ومتى توفرت لديك البوصلة الإيمانية التي
توضح لك معالم الطريق، وكذلك المهارات التى
تساعدك في الوصول لهدفك، حينها ستكون
سفينتك جاهزة للإبحار..
الببغاء! هل سيكون للسفر متعة بدون رفيق سفر
يشاركك الهمّ والهمة! إن شاورته صدقك، وإن
رأى منك خطأ نصحك، هذا هو الصديق
الحقيقي الذي سيكون لك عوناً في رحلتك،
فهو لا يبخل برأيه ولا يحتفظ بخبرته لنفسه.
لكن أن يكون مرافقك صدى لصوتك!
وتكراراً لفكرك، فكيف عساه أن ينصحك
أو يشير عليك! لذا إن كنت ترغب بمرافقته
لك في رحلتك فلك ذلك، لكن أنزله منزلته،
واشغل منصب نائب القبطان بمن يستحق،
فأنت من سيربح حينها! بل الكل سيكون
رابحاً بالتأكيد!
الأسماك الكبيرة! قد تكون فرِحاً منتشياً بما
حققتَ، فتجد من يحبطك ويقلل من قيمة
إنجازاتك! وقد تكون مهموماً مغموماً فتبحث
عمن يخفف عنك فلا تجد إلا من يزيدك
هماً وحزناً!
حينها لا تستسلم، وتذكر أن هذه الفئة من
الناس موجودة، وقد يكونون قريبين منك أكثر
مما تتخيل، فقط كن واعياً يقظاً، وخذ من
كلامهم ما يدفعك للأمام وألق ما تبقى منه
في البحر! لا تضيّع وقتك في التفكير البائس
الناتج عن جرحهم لك، وتذكر [ إذا ركلك
الناس من خلفك، فهذا لأنك في الأمام! ]..
حافظ على رباطة جأشك يا قبطان، وتابع سيرك..
قارب احتياطي: لا أحد يدري ماقد يحدث
لسفينتك، فالبحر غدار! لذا كن مستعداً
بخطة طوارئ تستخدمها في وقت الشدائد،
ليكن معك قارب احتياطي صالح للاستخدام،
وليكن في ذهنك وبوضوح أنك ربما تحتاج
إليه فعلاً. فإن لم يكن لديك قارب احتياطي،
فاصنع آخر بما يتوفر لديك من مواد،
وارتجل فكرة تخرجك من مأزقك،إياك أن
تستلم، فهناك من يسعده تنازلك عن هدفك
واستسلامك، كأسماك القرش مثلا!
المرساة: كما أن المرساة تثبت جسد السفينة،
فليكن لديك الهدوء الذي يبقى تفكيرك في
أحسن حالاته، ليكن لديك الإيمان والثقة بعون
الله لك، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
أمر آخر.. البعض يحلو له الإبحار، فلا يرسو
عند شاطئ جزيرة الكنز عندما يوازيه!
هل تصدق ذلك؟
التركيز على الهدف، ووضوحه في ذهنك
يساعدك على اختصار الكثير من الوقت
والجهد..
الواحات: ومن قال بأن الرحلة شاقة في
كل مراحلها؟ ستكون لديك إنجازات تستحق
أن تحتفل بها، أو على الأقل، سيمر وقت
طويل كنت قد قضيته في العمل الجاد في
سبيل الوصول لهدفك، وهذا بحد ذاته
إنجاز يستحق التقدير.
كافئ نفسك بهدية، قد تكون كتاباً جديد تشتريه،
أو زيارة لحديقة تريحك، أو تناول الطعام في
مطعم يروق لك، فقط ابحث عن شيء يسعدك
أن يُهدى إليك، لا تنتظر أحداً أن يكافئك،
فأنت من يعرف متى تحتاج ومتى تستحق
المكافأة.. استمتع بنجاحك يا بطل..
جبال: هل ظننت بأن الجزيرة ستكون بأكملها
سهلاً منبسطاً؟! وهل خطر ببالك أن نجاحك
في مرحلة من المراحل يعني أنك قد وصلت
لنهاية الرحلة! كن واقعياً.. فالجبال جزء
من تضاريس الكرة الأرضية رضينا أم أبينا!
وكن متفائلاً في الوقت ذاته فهذه الجبال
ما هي إلا جزء طبيعي من العقبات التي قد
تمر بها فتزيد من وعورة طريق الرحلة!
لا تبتئس، وكن مستعداً بعدّة تسلق
الجبال، فمهارات التفاوض، وحل
المشكلات، وتحليل الموقف، واتخاذ
القرار.. كل هذه مهارات ستساعدك في
التغلب على العقبات التي ستمر بها،
والعلم بالتعلم!
الكنز: بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى، نعم..
أنت تستحق الوصول لكنزك، فجهدك طوال
هذه الرحلة لابد أن تكون نهايته الوصول
للهدف بإذن الله، هيا يا قبطان استمتع بلحظات
الإنجاز، وحافظ على كنزك جيداً، فكما
يقولون [ المال السايب، يعلم السرقة! ]،
لم يكن سهلاً الوصول لهذا الكنز.. أليس كذلك؟
ولا تنسى أن طبيعة الأشياء النفاد! فاستثمر
ما لديك قبل أن يأتي اليوم الذي تتفاجأ بأن
آخر قطعة من كنزك قد انتهت! وتذكر أن
الوصول للقمة له متعته الخاصة، لكن
الانتقال من قمة لأخرى هي متعة لا تنتهي!